Sunday, December 19, 2010

الحكم الرشيد

الحكم الرشيد

بات موضوع الحكم الرشيد يمثل أهمية كبيرة على المستوى العالمي. ويمثل الحكم الرشيد اليوم جزءا من توافق الآراء في الأمم المتحدة، وينص إعلان الأمم المتحدة بشان الألفية على أن الحكومات لن تدخر جهدا في تعزيز الديمقراطية، وتعميم سيادة القانون، فضلا عن احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها دوليا بما في ذلك الحق في التنمية، ويرتبط نجاح أو فشل جهود أي دولة في تعزيز التنمية الإنسانية أو حتى احتمال توجهها نحو هذا النهج ارتباطا وثيقا بطبيعة وجودة الحكم.

ويشكل إقامة بيئة سليمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة أمرا لا يمكن فصله عن نوعية الحكم التي تؤثر أيضا في النشاط الاقتصادي. والأدوات التي يمكن أن تستخدمها الدولة في الوقت الحاضر لتعزيز قدرتها قد تكون مختلفة عنها فيما مضى. وهي تشمل ، حكم القانون ، والشفافية ، والإجراءات غير التعسفية واستقلال القضاء ، والانفتاح ، وبناء المؤسسات وهذه العوامل هي صلب عملية الحكم ، ولها تأثير كبير على درجة الثقة التي تولدها الاقتصاديات الوطنية

أولا- مفهوم الحكم الرشيد :

يعرف الحكم بأنه مجموع المؤسسات والعمليات والآليات الموجودة لممارسة السلطة في اقتصاد ما ، أما الحكم الرشيد فيقصد به,, انشاء مؤسسات سياسية وقضائية وإدارية تؤدي عملها بكفاءة وتخضع للمساءلة ويعدها المواطنون مؤسسات شرعية يمكنها عن طريق المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم ، كما يعدونها مؤسسات تعمل على تمكينهم .وينطوي الحكم الرشيد أيضا على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون بصفة عامة.

ويعرف البنك الدولي مفهوم الحكم الرشيد ،،بأنها الطريقة التي تباشر بها السلطة في إدارة موارد الدولة الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية ويبدو جليا أن هذا المفهوم يتسع لأجهزة الحكومة كما يضم غيرها من المؤسسات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني .ويثير هذا المفهوم أهمية قواعد السلوك وشكل المؤسسات ، وأساليب العمل المرعية بما تتضمنه من حوافز للسلوك .

أما الحكم الرشيد من منظور التنمية الإنسانية فيقصد به الحكم الذي يعزز ويدعم ، ويصون رفاه الإنسان ، ويقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم وفرصهم وحرياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، لاسيما بالنسبة لأكثر أفراد المجتمع فقرا.

ويمكن النظر في هذا السياق إلى الحكم الرشيد على أنه ممارسة للسلطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية لإدارة شئون بلد ما على جميع المستويات ، ويتكون الحكم من الآليات والعمليات ، والمؤسسات التي يؤدي من خلالها التفاعل بين الدولة ومختلف الجهات الفاعلة إلى اتخاذ إجراءات يمكن وصفها بأنها مستدامة ومنصفة . وشمل الحكم الصالح بهذا المعنى التفاعل بين الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني .

ويمكن القول بأن الحكم الرشيد هو الحكم الذي يتسم من بين جملة أمور أخرى بالمشاركة والشفافية والمساءلة ، ويكون فعالا ومنصفا ويعزز سيادة القانون . ويكفل وضع الأسبقيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على أساس توافق آراء واسعة النطاق في المجتمع ، تسمع فيه أصوات أكثر الفئات ضعفا وفقرا في صنع القرارات المرتبطة بتوزيع موارد التنمية .

ثانيا -عناصر الحكم الرشيد:

1-حكم القانون Rule of Law

يتعين أن تتسم الأطر القانونية بالعدالة وأن تطبق دون تحيز ، وينطبق ذلك بصفة خاصة على القوانين الحامية لحقوق الإنسان .

2-الشفافية Transparency

تستند الشفافية على التدفق الحر للمعلومات .وعلى أن تنفتح المؤسسات والعمليات المجتمعية مباشرة للمهتمين بها ، وأن تتوفر المعلومات الكافية لتفهمها ومراقبتها.

3-المسئولية Accountability

يجب أن تسعى المؤسسات والعمليات المجتمعية لخدمة جميع من لهم مصلحة فيها .

4-بناء التوافق :

يعمل الحكم الصالح على التوفيق بين المصالح المختلفة للتوصل إلى توافق واسع على ما يشكل أفضل مصلحة للجماعة .

5-المساواة Equity

تتوفر للنساء والرجال الفرص كافة لتحسين رفاهيتهم وحمايتهم .

6-الفعالية والكفاءة Affectivity & Efficiency

تنتج المؤسسات والعمليات نتائج تشبع الاحتياجات مع تحقيق أفضل استخدام للموارد البشرية والمالية .

7-المساءلة

يتعين أن يكون متخذو القرار في الحكومة ، والقطاع الخاص ، والمجتمع المدني خاضعين للمساءلة .

8-الرؤية الإستراتيجية Strategically Vision

يمتلك القادة والجمهور منظورا واسعا للحكم الرشيد والتنمية الإنسانية ومتطلباتها، مع تفهم السياق التاريخي والثقافي والاجتماعي المركب لهذا المنظور.

وصفوة القول أن مفهوم الحكم الرشيد وفقا لما ورد في أعلاه يتسق مع الاتجاهات الأخرى السائدة من حيث هيمنة الليبرالية الاقتصادية، واستعادة الديموقراطية، واحترام حقوق الإنسان. فهذه الأفكار تشكل كلا متكاملا يمثل نوعا من الايدولوجيا الجديدة التي تتكاتف المؤسسات الدولية والنظام الاقتصادي الدولي في الدعوة إليها .

Wednesday, December 1, 2010

السياسة الخارجية

نلاحظ العديد من تنوع وجهات النظر عندما نبحث في مفهوم السياسة الخارجية وهذا يتضح في النقاط الآتية:

أولاً: تعريف السياسة الخارجية:

1. السياسة الخارجية هي تنظيم نشاط الدولة في علاقاتها مع غيرها من الدول ومع المنظمات الدولية.

2. تعريف آخر يقول بأن السياسة الخارجية هي السلوك السياسي الخارجي سواء على مستوى العلاقات مع الدول أو مع الأشخاص الآخرين من غير الدول، من أشخاص القانون الدولي.

3. السياسة الخارجية هي العمل على إيجاد التوازن بين الالتزام الخارجي لدولة ما والقوة اللازمة لتنفيذ هذا الالتزام.

4. السياسة الخارجية هي مجموعة الأفعال وردود الأفعال التي تقوم بها الدولة في البيئة الخارجية بمستوياتها المختلفة، سعياً لتحقيق أهدافها والتكيف مع متغيرات هذه البيئة. وهذا التعريف يشتمل على أنماط السلوك الخارجي المختلفة التي يمكن أن تمارسها الدولة من خلال سياستها الخارجية كما أننا نفرق في هذا التعريف بين المستويات المختلفة للبيئة الدولية والتي عادة ما تشتمل على كثير من المتغيرات التي يتعين على صناع السياسة الخارجية أخذها في الاعتبار عند وضع هذه السياسة.

إذاً، يمكننا أن نقول أن مفهوم السياسة الخارجية هو خطة أو استراتيجية علنية تحكم عمل الدولة مع العالم الخارجي بما تملكه من مبدأ السيادة والإمكانيات المادية والعسكرية . وهي ليست مقتصرة على الدول بل أن الشركات متعددة الجنسيات و المنظمات الإقليمية و المنظمات الدولية بما تملكه من شخصية اعتبارية له سياستها الخارجية الخاصة التي قد تتفق أو تختلف مع الدول التابعة لها .

ثانياً: صنع السياسة الخارجية:

1. صنع السياسة الخارجية هو نظام يشتمل على مجموعة من الأنشطة التي تطوره الدول لتغيير سلوكيات الدول الأخرى ولأقلمة أنشطتها طبقاً لمتغيرات البيئة الخارجية.

2. صنع السياسة الخارجية هو مجموعة القواعد الدستورية والقانونية التي تحدد أسلوب تعامل الدولة مع الأطراف الخارجية الأخرى.

3. أنها مجموعة القواعد المختارة للتعامل مع مشكلة أو حدث معين، حدث فعلاً، أو يحدث في الحاضر، أو يتوقع حدوثه في المستقبل، وهذا التعريف الأخير يمكن أن نشير بشأنه إلى ما يلي: أ. أن يجعل عملية صنع السياسة الخارجية تتم في سياق زمني ممتد يشمل ما حدث وما يحدث وما سيحدث. ب. أنه يشتمل على بعض مكونات التعريفات الأخرى خاصة فيما يتعلق بالقواعد التي تنظم العمل في نطاق السياسة الخارجية. ج. أنه يفتح مجالاً واسعاً أمام الابتكار والمبادرة في مجال صنع السياسة الخارجية حيث أنه يتيح الفرصة لوضع الخطط والتفضيلات مقدماً بحيث تشكل مجموعة من القواعد المرشدة عند اتخاذ القرارات.

ثالثاً: أهداف السياسة الخارجية:

1. حماية الأمن القومي.

2. الحفاظ على بقاء الدولة واستمرارها.

3. التنمية الاقتصادية

4. طلب القوة: تدعيم هيبة ومكانة الدولة في المجتمع الدولي وبناء صورة إيجابية عنها لدة الدول والأشخاص الآخرين من غير الدول.

5. نشر الثقافة القومية: وهذا هدف تسعى إليه الدول الكبرىوالنظم السياسية الثورية "تصدير الثورة".

رابعاً: وسائل تحقيق أهداف السياسة الخارجية:

1. الدبلوماسية بصورها المختلفة من ثنائية ودبلوماسية مؤتمرات ودبلوماسية منظمات دولية وغيرها.

2. الوسيلة الاقتصادية وتتمثل في منح المساعدات أو فرض العقوبات.

3. الوسيلة المعنوية وتتمثل في الإعلام والحرب النفسية.

4. الوسيلة الاستخبارية وتوظيفها في جمع المعلومات الاستراتيجية.

5. استخدام أدوات العنف – ما دون العسكرية – كإثارة الفتن ودعم جماعات المعارضة.

في الختام نستنتج مما سبق أن للسياسة الخارجية مكانة غاية في الأهمية لكل دولة. فالعلاقة بين الدولة والسياسة الخارجية علاقة وطيده، وذلك لإثبات كيانها على الساحة الدولية واستقلاليتها الرسمية.